الاقتصاد اليمني في 2024 .. حصاد من التردي والانهيار

شهدت اليمن بمختلف مناطق السيطرة أوضاعا اقتصادية صعبة، أثّرت على حياة المواطنين، في ظل فشل حكومي ملحوظ، وتزايد في الجبايات والإتاوات الحوثية التي أثقلت كاهل الناس بدون توجيه هذه الموارد لخدمتهم على شكل رواتب وخدمات عامة.

تعددت العوامل التي ساهمت في هذا التردي الاقتصادي ففي العام 2024، شهد الريال اليمني تدهورًا ملحوظًا في قيمته أمام العملات الأجنبية، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية وزيادة معاناة المواطنين.

وانخفضت قيمة الريال بنسبة 26% على أساس سنوي، وخسر نحو 1000% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي خلال العشر السنوات الماضية. الأمر الذي ساهم في تضخم الأسعار بشكل كبير​

ارتفاع أسعار السلع الأساسية كان نتيجة مباشرة لانخفاض قيمة العملة، حيث ارتفعت تكلفة سلة الغذاء الدنيا إلى مستويات قياسية. وقد أدى ذلك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، حيث باتت الأسر اليمنية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية من الغذاء والدواء​.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التحديات الاقتصادية الناتجة عن نقص التمويل وتعليق المساعدات الغذائية في معظم المناطق، خاصة تلك الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، زادت من تعقيد الوضع​.

وتواجه الحكومة مخاطر عجزها عن انتظام دفع مرتبات الموظفين حيث شهدت المناطق المحررة وقفات احتجاجية واضرابات في عدد من الوحدات التعليمية والصحية، حيث عجزت الحكومة عن دفع مرتبات أكتوبر ونوفمبر وديسمبر 2024م.

وتسبب توقف تصدير النفط، والفشل في رفع كفاءة تحصيل الموارد في ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، مما ينذر بمخاطر اجتماعية واقتصادية غير محمودة العواقب قد تؤدي إلى الفوضى الشاملة.

وفي مناطق سيطرة المليشيات فإن الجبايات الحوثية بمختلف مسمياتها الجبايات القسرية والضرائب غير القانونية التي تفرضها المليشيات بمسميات مختلفة تُثقل كاهل السكان والشركات، وتؤدي هذه السياسات إلى خروج رؤوس الأموال وتراجع الأنشطة الاقتصادية.

كما أن قطاع الزراعة والصناعة تضرر بشكل كبير نتيجة تدمير البنية التحتية ، مما أدى إلى تراجع في الإنتاج المحلي وزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية.

ويواجه الاقتصاد خطر الانهيار الكامل، خاصة مع اعتماد السكان بشكل كبير على المساعدات الإنسانية"، مع استمرار فرض المليشيات الحوثية قيودا تعسفية على توزيع المساعدات تزيد من صعوبة تحسين الوضع الاقتصادي.

وساهم في تعقيد الأوضاع الاقتصادية تعليق المساعدات الغذائية ونقص التمويل ما فاقم من أزمة الأمن الغذائي، حيث يعاني أكثر من 61% من الأسر من صعوبة الوصول إلى الغذاء الكافي.

وأدى هذا الوضع إلى انتشار سوء التغذية بشكل واسع، خاصة بين الأطفال والنساء، حيث حُرم ملايين الأشخاص من العلاج الضروري لسوء التغذية الحاد​

وحذر ​البنك الدولي من أن الوضع الاقتصادي في اليمن يواجه أزمات متفاقمة، مشيرًا إلى أن تدهور القطاع الزراعي والصناعي نتيجة الحرب أدى إلى تدمير البنية التحتية وانهيار العديد من الأنشطة المدرة للدخل، مما زاد من معدلات البطالة والفقر​.

ويعد الفساد أحد الأسباب الرئيسية للركود، إذ يتم نهب الموارد العامة والإيرادات لتمويل العمليات العسكرية، وهذا الوضع يؤدي إلى تدهور الخدمات الأساسية وانعدام الاستثمار في القطاعات الإنتاجية.