الكشف عن تاريخ بحيرة قديمة على سطح المريخ

كشفت مركبة ناسا الفضائية بيرسيفيرانس Perseverance عن تاريخ بحيرة قديمة على المريخ داخل فوهة جيزيرو Jezero Crater، التي تتميز بعدد من المعالم الجيولوجية مثل الحمم البركانية والفيضانات والصخور المتدحرجة وآثار تبخر المياه.

أمضت مركبة ناسا بيرسيفيرانس أكثر من ألف يوم مريخي داخل فوهة جيزيرو -وهي موقع اصطدام قديم- وكانت لفترة من الوقت عبارةً عن بحيرة يصب فيها ماء نهر جار. استكشفت المركبة الفوهة وكان مما وجدته دلتا واضحة منحوته في الصخور، وصار لديها الآن معلومات كافية لرسم صورة لما مر به هذا الموقع على مر العصور.

بدأ كل شيء منذ أربعة مليارات سنة، حينما اصطدم كويكب بالمريخ وأحدث فوهة كبيرة أطلق عليها اسم جيزيرو. يتكون قاع الفوهة من الصخور النارية، وهو دليل على وجود إما نشاط بركاني على السطح بعد الاصطدام أو ارتفاع الصهارة من باطن الأرض، ثم وصلت المياه إلى جيزيرو بعد مئات الملايين من السنين.

عثرت المركبة بيرسيفيرانس على أحجار رملية وطينية، ما يشير إلى تدفق المياه إلى الفوهة منذ فترة طويلة. فوق تلك الأحجار، توجد المزيد من طبقات أخرى من الأحجار الطينية، لكنها غنية بالملح، وتشكلت بعد ذلك بحيرة ضحلة من المياه المتدفقة إلى الفوهة.

تشير التقديرات إلى أن الفوهة اتسعت حتى بلغ قطرها 35 كيلومترًا، ولكن عمقها كان على الأكثر 30 مترًا فقط، وخلفت البحيرة طبقة ملحية بعد جفافها.

 

لكن لا ينتهي التاريخ المائي للمكان عند هذا الحد، فقد شهد الفصل الأخير، في وقت لاحق، تدفق مياه سريعة عبر الدلتا التي تستكشفها بيرسيفيرانس الآن، وحمل هذا النهر القوي الصخور ومن ثم انتشرت على سطح الدلتا.

قال كين فارلي Ken Farley، أحد علماء مشروع بيرسيفيرانس، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، في بيان له: «اخترنا فوهة جيزيرو موقعًا للهبوط على المريخ لأن الصور المدارية أظهرت وجود دلتا، وهو دليل واضح على أنه في يوم ما كانت الفوهة عبارة عن بحيرة كبيرة. تُعد البحيرة بيئة صالحة للمعيشة، وصخور الدلتا هي وسط عظيم للاحتفاظ بدلائل الحياة القديمة المدفونة على صورة حفريات في السجل الجيولوجي، وبعد استكشاف شامل للحفرة جمعنا التاريخ الجيولوجي لها، وأعدننا مخططًا لمرحلة نشأة البحيرة والنهر من البداية إلى النهاية».

لم تجد المركبة أية علامات حتى الآن لاحتمال وجود حياة قديمة، مع أن هذه المنطقة من سطح المريخ هي المرشح الرئيسي لذلك.

تحمل بيرسيفيرانس مجموعة من المعدات التي بإمكانها رصد التراكيب القديمة الشبيهة بالحفريات والتغيرات الكيميائية التي أحدثتها الحياة القديمة. جُمعت العديد من العينات وفُحصت بدقة ولكن لم يعثر على أي شيء حتى الآن.

تحتوي المنطقة المستكشفة حاليًا على مادة الكربونات، وهذا يشير إلى وجود بيئة مائية قديمة ربما تكون الحياة تطورت فيها. كذلك عُثر على فوسفات الحديد، والفوسفور، العنصر الأساسي في وجود الحياة. كما أنها غنية بالسيليكا، التي تُعد مادةً مثاليةً حافظة لبقايا الحياة القديمة.

هذا ما أكد عليه مورغان كيبل Morgan Cable، نائب الباحث الرئيسي في جهاز بيريسيفيرانس الكوكبي لفحص كيمياء الصخور بالأشعة السينية، فقال: «لدينا ظروف مثالية للعثور على دلائل لوجود حياة قديمة، إذ يشير وجود الكربونات والفوسفات إلى بيئة مائية صالحة لوجود الحياة، والعثور على السيليكا التي تُعد رائعةً لحفظ بقايا تلك الحياة».

تجول المركبة في هذا الوقت لاستكشاف حافة فوهة جيزيرو، بعد أن تجاوز بقائها ألف يوم على المريخ.

المصدر