تحذّيرات من تفريط خطير في سيادة اليمن الرقمية: بيانات بيومترية لمواطنين تُخزّن خارج البلاد بلا حماية قانونية

حذّرت مصادر حقوقية وتقنية مطلعة من مخاطر جسيمة تهدد السيادة الرقمية لليمن، في ظل فرض إلزام غير معلن على المواطنين وموظفي الدولة بالحصول على بطاقة إلكترونية بيومترية، كشرط لاستخراج جوازات السفر أو استكمال بعض المعاملات الحكومية، دون أي إطار قانوني أو توضيح رسمي بشأن مصير البيانات الحساسة التي يتم جمعها.

وفي تصريحات لوكالة خبر، أكدت المصادر أن البيانات البيومترية – وتشمل بصمات الأصابع والعين، والصور الرقمية، والمعلومات الشخصية الكاملة – تُنقل إلى خوادم خارج الأراضي اليمنية، في حين لا تمتلك الدولة أي مركز بيانات سيادي داخل البلاد يحتفظ بنسخة من هذه البيانات تحت إشراف وطني مباشر.

بيانات خارج السيطرة

أشارت المصادر إلى أن هذه المعلومات الحيوية باتت خارج سيطرة المواطن والدولة، ولا يُعرف على وجه التحديد من يديرها أو من يمكنه الوصول إليها أو حتى استغلالها، مما يشكل خطرًا دائمًا لا يمكن تعويضه في حال حدوث اختراقات أو تسريبات.

وحذّرت من أن هذا التفريط في أمن البيانات لا يعد مجرد تقصير إداري، بل يمثل ثغرة فادحة في بنية الأمن القومي، في وقت أصبحت فيه البيانات الشخصية – وخاصة البيومترية – من أبرز أدوات الهيمنة في العالم الرقمي المعاصر.

تجارب دولية تؤكد المخاطر

وتطرقت المصادر إلى نماذج من دول واجهت كوارث مشابهة رغم امتلاكها تشريعات وبنى تحتية متقدمة. ففي الهند، تم تسريب بيانات أكثر من مليار مواطن ضمن برنامج "Aadhaar"، وجرى لاحقًا تداولها في السوق السوداء الرقمية.

وفي القارة الإفريقية، تعرّضت بيانات ملايين المواطنين في دول مثل كينيا وتونس للتسريب، نتيجة تعاقد حكوماتها مع شركات أجنبية قامت بتخزين البيانات خارج الحدود، دون وجود رقابة أو مساءلة فعالة.

اليمن في مهب العاصفة

المخاوف تزداد في الحالة اليمنية، حيث لا يوجد حتى الآن أي قانون نافذ لحماية البيانات الشخصية، ولا بنية تحتية سيبرانية تؤهل الدولة للتحكم ببيانات مواطنيها. كما لا يوجد مركز بيانات وطني مجهز بمعايير الحماية المطلوبة، ما يعني أن كل المعلومات الحيوية المتعلقة بالمواطنين أصبحت مكشوفة ومعرضة للاختراق أو الاستغلال من جهات مجهولة.

وأكدت المصادر أن ما يحدث لا يقتصر على الإهمال، بل هو تفريط فعلي في سيادة الدولة، قد يُستخدم لاحقًا ضد اليمنيين سياسيًا أو اقتصاديًا أو أمنيًا.

دعوات لإجراءات عاجلة

وطالبت المصادر بإصدار قانون وطني صارم لحماية البيانات الشخصية والبيومترية، يحدد بدقة كيفية جمعها وتخزينها وتشفيرها، ويمنع نقلها إلى الخارج دون إشراف قانوني مباشر، مع فرض عقوبات رادعة على أي جهة أو فرد يتورط في تسريبها أو إساءة استخدامها.

كما دعت إلى إنشاء مركز بيانات سيادي داخل الأراضي اليمنية، يخضع لرقابة مباشرة من مؤسسات الدولة، ويُجهز بأحدث تقنيات الحماية، ليكون بمثابة الحصن الأول لحماية بيانات اليمنيين من أي استغلال خارجي.

وشددت كذلك على ضرورة مراجعة كافة العقود التقنية الموقعة مع جهات أجنبية، لا سيما تلك المتعلقة بأنظمة التسجيل المدني أو تخزين المعلومات البيومترية، وإيقاف أي اتفاق لا يخضع لرقابة وطنية واضحة.

وأكدت المصادر أهمية الدور الإعلامي والرقابي في هذه المرحلة، داعية الصحفيين ووسائل الإعلام إلى فتح تحقيقات معمقة في هذا الملف، ومطالبة البرلمان والقضاء والأجهزة الرقابية بفتح تحقيق رسمي، والكشف عن الجهات التي سمحت بنقل بيانات المواطنين إلى الخارج دون غطاء قانوني أو سيادي.

واختتمت المصادر تحذيرها بالتشديد على أن البيانات الشخصية ليست مجرد ملفات إدارية، بل تمثل هوية الإنسان وسلاحًا بيد من يمتلكها. ومن يفرّط بها دون رقابة أو قانون، فإنه يفرّط بسيادة بلده وأمنه واستقلال قراره.