بعد الرئيس "صالح"… أصبح الوطن "غير صالح"

*بقلم / أ. علي عباس بن طالب*

الأربعاء 2 يوليو 2025م.

في زمن الرئيس علي عبدالله صالح، ورغم كل ما يُقال عن سلبياته وأخطائه، كان للوطن هيبة، وللدولة شكل، وللجمهورية معنى، وللأمن وجود، *أما بعده* أصبحنا نعيش في أطلال وطنٍ لم يعد صالحًا للحياة، غاب الزعيم علي عبدالله صالح، فغابت معه الدولة، وتصدعت أركان الجمهورية.

*في زمن صالح:* كانت الدولة واحدة وكانت صنعاء عاصمة، وعدن قلب، وحضرموت فخر، وتعز ثقافة، والحديدة نبض.

*أما اليوم :* فصنعاء رهينة، وعدن حائرة، وتعز محاصرة، وحضرموت مستغفلة، والحديدة مختطفة.

*في زمن صالح:* كانت العملة مستقرة والألف الريال السعودي ب 56000 ريال يمني  وكانت الأسعار معقولة، وكان الموظف يصرف، والمواطن يشتري، والتاجر يستثمر.

*أما اليوم :*  الألف الريال السعودي بلغ 720000 ريال يمني  والريال اليمني  يُهان، والأسعار تشتعل، والجوع يعم، والفقر يزأر، والراتب مفقود!

*في زمن صالح:* كانت هناك دولة تحكم ، وإن اختلفنا مع الرئيس، لكنه كان يحكم، ويأمر، ويمنع، ويحاسب، ويعرف تفاصيل وطنه.

*أما اليوم:* فلدينا مجلس أصنام مكون من ثمانية أشخاص  لا يهش ولا ينش، وشخصيات تتحكم ولا تحكم، تصرف ولا تُحاسب، تنهب ولا تخجل!

*في زمن صالح:* كانت اليمن تتكلم من فمٍ واحد، كنا نختلف في الرأي، لكن نجتمع في الوطن، *أما اليوم :*  فصارت اليمن أوطانًا متفرقة، ولكل منطقة لهجة، وسلاح، ومليشيا، ومشروع.

*في زمن صالح:* كان الجيش جيشًا، والأمن أمنًا ، *اليوم :*  الجيش ممزق، والمليشيات مسلحة، والمرتزقة متخمة، والوطن مرهون في بورصة الصراع.

*علي عبدالله صالح ..* كان له ما له، وعليه ما عليه، لكنه في النهاية كان رئيس دولة، بيدها قرار الحرب والسلام، وكان للبلاد عنوانٌ واحد مهما اختلفنا عليه، لكنه كان قائداً يُحسب له ألف حساب.

*الرئيس علي عبدالله صالح* لم يكن ملاكًا، وكانت له أخطاء، بل وكبائر سياسية… لكن المقارنة لا تكذب، والحقائق تصرخ وما بعد صالح، دخل الوطن في نفقٍ مظلم لم يخرج منه حتى اليوم.

 *بعد صالح...* تفككت المؤسسات، وضاعت هيبة النظام، وتمزقت خارطة الولاء الوطني بين أذرع الخارج وأنياب الداخل تحول الوطن إلى ساحة تصفية حسابات، تُدار فيها الحروب بالوكالة، 

 *بعد صالح...* انتهت الدولة وبقيت الدكاكين السياسية، غاب القرار وبقيت أصوات النباح، غابت الوحدة وبقيت شعارات الوهم ، غاب الأمن وبقيت جماعات السلاح، يفرضون سلطتهم على الناس بقوة النار لا بقوة القانون!

 *بعد صالح...* لم تعد "الوطنية" مقياس الولاء، بل أصبح القرب من فُلان أو الموالاة لعلان هو معيار البقاء والتصعيد ،الفساد أصبح "شطارة"، والخيانة أصبحت "حِنكة"، والتآمر على الشعب بات "حنكة سياسية"!

 *كانت لدينا دولة تحكمها سلطة،* فأصبحنا نعيش في دويلة تحكمها فوضى!  كنا نختلف تحت مظلة واحدة، فأصبحنا نتصارع تحت سماءٍ مثقوبة بالدم والمآسي!  كان الخطأ يُحاسب، واليوم أصبح الفساد يُكافأ، والخائن يُكرّم، والوطني يُقصى!

*مهما أخطأ* "صالح"، فقد كانت اليمن في زمانه ، دولة ذات سيادة، لها كلمة في الداخل والخارج، وكانت "صنعاء" تُدار من الداخل، لا من عواصم أخرى!

*كنا نختلف مع صالح،* ننتقده، نحاسبه، لكننا كنا نحيا في ظل دولة لها رأس وقرار، *أما اليوم:* فالمشهد كارثي ..  حكومات لا تحكم ، فكل عاصمةٍ أجنبية تملك نسخةً خاصة من اليمن، وكل عميل يدّعي أنه "رجل المرحلة".

*اليمن اليوم ليس كما كان*… فقد تحوّل من جمهورية إلى ساحة معارك، ومن بلدٍ ينشد السلام إلى بلدٍ تعزف فيه البنادق نشيد الخراب!

*والحقيقة التي لا يمكن دفنها:*

أن من فرحوا برحيل "صالح" دون مشروعٍ وطني بديل، هم من جرّوا البلاد إلى هذا القاع!

لم يكن "صالح" نبيًّا، لكنه كان حاكمًا يعرف كيف تُدار دولة، لم تكن فترته وردية، لكنها لم تكن دموية كما اليوم، لم تكن مثالية، لكنها كانت "دولة"، لا "دويلات"

*مات صالح...* لكن الوطن هو من دُفن .. وماتت معه أحلام البسطاء، وأمان الفقراء، وطموح الشباب في مستقبلٍ يليق بكرامتهم.

 *رحيل الزعيم* لم يكن فقط نهاية عهد، بل كان بداية الانهيار الكبير، من بعده تاهت البوصلة... وانكسر الميزان... وغاب الوطن .. "بعد الرئيس صالح... أصبح الوطن غير صالح!"