نُخَبُنا الموقَّرة وتَكتُّلاتنا الخائبة إلى أين ذاهبون بالبلاد؟
تعيش اليمن معترك سياسي واقتصادي واجتماعي غير مسبوق، منذ خمسة عشر عاماً، تداخلت فيه الأحداث وتعقدت القضايا وتدافعت المستجدات وتجزأت القيم والثوابت، وتفرق دم الناس بين الجماعات المتطرفة.
لم يكلف أحد من القادة مواساة المواطن والوقوف في صفه ودرء الخطوب ومحو الخيبات التي نهشت الوطن وجبر الضرر بما يسمح للحياة أن تستعيد أنفاسها ولَياقتها.
الجميع وقفوا عاجزين عن استشراف المستقبل وفرض واقع إيجابي مليء بالرؤى والحكمة معزز بالإيمان، كما عهدتنا اليمن في كل منعطف، وهو ما وضع الناس أمام مفترق طرق غير قادرين على إزاحة هذه العتمة التي تكبر كل يوم مثل كرة الثلج.
ولأن البارز اليوم في الساحة مجاميع وشخصيات تقود مناطق الشمال إلى الهاوية، دون أن تكلف نفسها الأخذ بعين الاعتبار الوضع الإنساني الذي بلغ ذروته من السوء وتَوقف التنمية وانهيار العملة التي تعد واحدة من أهم القضايا المرتبطة بجوهر البناء والتنمية المستدامة.
بالمقابل يقود المناطق المحررة توليفة من التكنوقراط الذين غرقوا في جلباب الفساد، لدرجة أن الناس فقدت الثقة بهم تماماً، بانتظار قيادات مخْلِصة بعد أن بلغ بهم التعب النفسي والروحي مبلغاً لا يمكن علاجه بسهولة.
ما يجري اليوم في البلد من تقزيم للسيادة وتبديد للمال العام وانهاك الخزينة العامة وتفريخ المشاريع في سياق يخجل الواحد منا أن يفكر فيه أمر بالغ الخطورة وراهن لا يجب أن يوضع على أي طاولة، فالجميع بانتظار حل جذري للملفات على مستوى الداخل أولا والخارج وليس خلق أزمات جديدة يصعب التعامل معهما مستقبلا كما قد تدفع ثمنها الأجيال القادمة.
كل ما سيتم من دعوات ومباركة لأي عمل خارجي غير محسوب يعود أثره على الوطن ومستقبله يعد خيانة لا يقدم عليها أي شخص لديه ضمير وحس وطني وقيم ومبادئ وإحساس بالمسؤولية ولديه فكر جمعي يرى بعين الحقيقة من شرفة مفتوحة على كامل الجغرافيا.
علينا أن نفكر بشكل موحد وجدي كيف يمكن مواجهة بل تطهير المنطقة العربية واليمن على وجه الخصوص من أذرع إيران وأنشطتها ومشاريعها التدميرية وليس فتح دكاكين جديدة واستجداء الآخرين ومطالبتهم القيام بواجب هو من اختصاص اليمني صاحب الأرض وابنها واليه تسند كافة المهمات.
ان اسلوب الدعوات الرخيصة التي تتعارض مع الشعور الوطني والادمي، عمل مرفوض ومسار يفتح الكثير من الجراحات والتأويلات، ويعزز الوصاية التي باتت واحدة من المعضلات منذ أن تم فرضها بدعوة لم تكن بريئة من قبل جناح مأزوم عبر (البند السابع) والتدخل الخارجي السافر.
وهو ما يجب أن يكون في أذهان وطاولات الجميع بما فيهم الأشقاء والجيران الذين يدركون تمام الإدراك ماذا يعني تفكيك اليمن واستدعاء المزيد من القوات الدولية لقصف ما تبق من منشآت حيوية وبنى تحتية وسقوط مدنيين، وماذا يعني عودة اليمن موحدا إلى الحاضنة العربية، خاليا من كل مشاريع المزايدين.
اليوم التاريخ يسجل كل شاردة وواردة وعلينا أن نكون حذرين وألا نتهاون أبدا ولنا في دروس الماضي القريب والبعيد عضة وعبرة.. والله المستعان.