المجلس الأطلسي: واشنطن واليمن.. تحالف بحري لاستعادة السيادة وتقليص تحالفات الحوثي مع التنظيمات المتطرفة ووقف تهريب الأسلحة

تبنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفًا يبدو إلى حد ما أنها أكثر حزماً من إدارة سلفها، بهدف التقليل من التهديدات الحوثية المتزايدة، خصوصاً في ظل تهريب الأسلحة قبالة السواحل اليمنية، وسط تفاوضات مكثفة بين المليشيا وموسكو بدعم إيراني، بهدف توريد أسلحة متطورة للجماعة، وسط تأكيدات تزويد تنظيم القاعدة بطيران مسيّر إيراني الصنع، وتزايد أنشطة التهريب بين الحوثيين وحركة الشباب الصومالية عبر إقليم بونتلاند.

قالت الباحثة إليونورا أرديماني، الخبيرة في شؤون اليمن ودول الخليج، والباحثة الأولى في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، إن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعاد تصنيف الحوثيين كـ"منظمة إرهابية أجنبية" في اليوم الثالث من رئاسته، في خطوة تعكس توجه الإدارة الأمريكية نحو إعادة تفعيل سياسة 'الضغوط القصوى' ضد طهران".

وأكدت أرديماني في تقرير نشره "المجلس الأطلسي للدراسات" أن "هذا القرار يأتي ضمن استراتيجية أمريكية أوسع تهدف إلى تجفيف موارد الحوثيين العسكرية والمالية، وحماية حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر".

وأوضحت الباحثة والخبيرة أن "وثيقة تنفيذية أمريكية أكدت أن واشنطن تعمل بالتعاون مع شركائها الإقليميين لـ"سحق قدرات الجماعة"، وهو ما يتماشى مع التوجه الأمريكي لتعزيز الأمن البحري في المنطقة".

ولفتت أرديماني إلى أن "هذه الخطوة تتماشى مع مبادرة (شراكة الأمن البحري اليمنية) التي أطلقتها المملكة المتحدة بدعم أمريكي في نوفمبر 2023، حيث تركز المبادرة على دعم خفر السواحل اليمني عبر توفير القوارب والتدريب وتمويل الرواتب".

وشددت الباحثة على "تعزيز خفر السواحل اليمني" باعتباره "ركيزة أساسية لاستعادة السيادة اليمنية على سواحل البلاد، وقطع الطريق أمام تحالفات مليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة وحركة الشباب الصومالية، مما يصعب على روسيا تطوير علاقات عسكرية استراتيجية مع الحوثيين.

ففي الأشهر الأخيرة، عزز خفر السواحل اعتراض أسلحة إيرانية متجهة للحوثيين. ففي 13 فبراير، اعترضت سفينة شحن تحمل كميات كبيرة من الأسلحة غادرت جيبوتي نحو ميناء الصليف الحوثي في الحديدة، بالتنسيق مع "قوات المقاومة الوطنية".

وأشارت إلى تركيز أمريكا بشكل واضح على "مواجهة سلاسل توريد أسلحة الحوثيين"، في الوقت الذي لا تزال تحافظ "على خيارات أخرى مفتوحة، بما في ذلك تصعيد عسكري محتمل ضد الجماعة المدعومة من إيران".

وأكدت أن "الإدارة الأمريكية ترى في شراكة بحرية أقوى مع الحكومة اليمنية والقوات المتحالفة في الجنوب والغرب خطوة أولى للحد من قدرات الجماعات المسلحة المتنامية في منطقة البحر الأحمر"، مشيرة إلى أن هذه الخطوات من شأنها دعم المؤسسات اليمنية لاستعادة جزء من السيادة، وتقليل التعاون بين مليشيا الحوثي والتنظيمات المتطرفة.

تهريب أسلحة

وتطرقت أرديماني إلى التحديات الأمنية المستجدة، مشيرةً إلى أن "التقارير الدولية تؤكد أن تهريب الأسلحة للحوثيين لم يعد مقتصراً على البحر الأحمر، بل هناك "تحولات خطيرة في مسارات التهريب باتجاه بحر العرب وخليج عدن".

وأضافت أن "تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) حذرت من أن الجماعات المسلحة تعيد شحن الأسلحة قبالة السواحل الصومالية، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة".

وقالت إن "وجود خفر السواحل اليمني في بحر العرب سيعزز فعالية اليمن في حماية مياهه الإقليمية، وسيضعف من قدرة الحوثيين على استغلال طرق التهريب الجديدة التي باتت تشكل تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي".

بحسب الباحثة، ترى واشنطن في تقليص القدرات الهجومية للمليشيا الحوثية خياراً وحيداً متبقياً، خاصة مع تزايد القلق الدولي بشأن تحركاتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، موضحة أن "التقارير الأخيرة تشير إلى أن الحوثيين لم يعودوا يعتمدون فقط على الدعم الإيراني، بل يعملون على بناء شبكة تمويل وإمداد مستقلة، مستفيدين من تحالفات جديدة مع جماعات مسلحة أخرى".

وتطرقت إلى أن تقارير أممية كشفت قيام مليشيا الحوثي بإقامة "تحالف انتهازي" مع تنظيم القاعدة في اليمن، شمل تزويد الأخير بطائرات مسيرة إيرانية الصنع لتعزيز هجماتها، بينما تواصل الأمم المتحدة تحذيراتها من "تزايد أنشطة التهريب بين الحوثيين وحركة الشباب الصومالية عبر إقليم بونتلاند"، وهو ما سبق أن حذرت منه الاستخبارات الأمريكية في تقارير سابقة، حد قولها.

تعاون روسي- حوثي

لم يعد التعاون "الروسي- الحوثي" خافياً على أحد، بعد أن كشفت معلومات وتقارير دولية واستخباراتية عسكرية تفاصيل كثيرة في سياق هذا التعاون، مما أثار مخاوف الولايات المتحدة على وجه التحديد، ودفعها إلى اتخاذ موقف حازم "في مواجهة تهريب الأسلحة قبالة السواحل اليمنية" لأهمية ذلك في "تقليل المخاطر المرتبطة بتعزيز التعاون العسكري بين الحوثيين وروسيا".

وتحدثت "تقارير إعلامية دولية عن مفاوضات تجريها جماعة الحوثي، بدعم إيراني، مع موسكو لتوريد أسلحة متطورة، في إطار الشراكة الاستراتيجية بين طهران وروسيا".

وأكدت الباحثة أن "هناك معلومات تفيد برصد عناصر استخبارات عسكرية روسية في مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى جانب تقارير تشير إلى قيام موسكو بتجنيد مقاتلين يمنيين عبر وساطات حوثية للقتال في أوكرانيا".

تحديات أمنية

من المتوقع أن تحدث استراتيجية قوية وشاملة بهدف تعطيل شبكات تهريب الأسلحة للحوثيين، لتأثيراتها على اليمن والمنطقة وحركة الملاحة البحرية العالمية.

وأوضحت الباحثة أنه "كلما زاد الدعم الأمريكي للقوات اليمنية في مواجهة أنشطة التهريب الحوثية، زادت قدرة الحكومة اليمنية والقوات المتحالفة في الجنوب والغرب على استعادة وجود مؤسسي قوي في البلاد".

وأشارت إلى أن "الهجمات الحوثية على السفن البحرية دفعت الحكومة اليمنية إلى تصعيد مطالباتها بالحصول على دعم دولي لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة".

وأكدت أن "رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي شدد، خلال مؤتمر ميونخ للأمن، على ضرورة (تمكين الحكومة اليمنية من السيطرة الكاملة على أراضيها) من خلال دعم دولي يوقف تدفق الأسلحة الإيرانية".

وأضافت أن "وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني طالب، في نوفمبر الماضي، بتعزيز قدرات القوات الأمنية والعسكرية، لا سيما خفر السواحل، لمواجهة التهديدات المتزايدة في البحر الأحمر".

وفي ختام حديثها، أوضحت أرديماني أن "سياسة إدارة ترامب تجاه اليمن بدأت تتبلور بشكل واضح، حيث يُشكل خنق طرق تدفق أسلحة الحوثيين محورًا رئيسيًا في استراتيجيتها".

وأكدت أن "الشركاء الأمريكيين في اليمن يتطلعون إلى تأدية أدوار فاعلة ضمن هذه الاستراتيجية، في ظل تصاعد التهديدات التي تمثلها الجماعة على الأمن البحري في المنطقة".

وأشارت إلى أنه "من المتوقع أن تُحدث استراتيجية أمريكية قوية وشاملة لتعطيل شبكات التهريب الحوثية تأثيرات متعدية على المنطقة بأكملها، بل وحتى على حركة الملاحة البحرية العالمية".