صراع الأجهزة الاستخباراتية في صنعاء.. حرب خفية تفتح باب المواجهة المباشرة بين الخيواني وعلي الحوثي

تصاعدت الأسابيع الماضية، حدّة الخلافات داخل الأروقة الأمنية التابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية في صنعاء، حيث اندلع نزاع حاد بين رئيس جهاز الأمن والمخابرات، ورئيس جهاز استخبارات الشرطة المجتمعية الذي تم تشكيله مؤخراً وتولى قياداته نجل شقيق زعيم مليشيا الحوثي.

وأكد مصدران استخباراتيان لوكالة "خبر" أن الخلاف احتدم -مؤخراً- بين منتحلي رتبة لواء، عبدالحكيم الخيواني، رئيس جهاز الأمن والمخابرات، وعلي حسين الحوثي، رئيس جهاز استخبارات الشرطة، أو جهاز "استخبارات الشرطة المجتمعية"، على خلفية التنازع على الصلاحيات والنفوذ.

وكانت مليشيا الحوثي منحت علي الحوثي في عام 2018، رتبة لواء وقلدته منصب وكيل وزارة الداخلية لقطاع الشرطة والأمن، قبل أن يجمع في عام 2022 بين منصبي قائد لقوات النجدة بصنعاء ومدير عام للقيادة والسيطرة بالوزارة، منفرداً بصلاحيات واسعة، قبل استحداثه في العام 2024 جهاز "استخبارات الشرطة المجتمعية" رغم حداثة سنه الثلاثيني وعدم تأهله للمنصب والرتبة.

وجاءت هذه التعيينات المتسارعة تمهيداً لتقويض نفوذ الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في وزارة الداخلية بشكل تدريجي، لا سيما نفوذ الخيواني الذي بدأت تربطه بشكل مباشر علاقات خارجية مستقلة مع قيادات في الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني وغيرها.

وأشار المصدران إلى أن الخلاف بين الخيواني والحوثي تجاوز الصلاحيات الإدارية ليصل إلى صراع على النفوذ والسيطرة على الملفات الأمنية الحساسة، حيث يتنازع الجهازان على إدارة ملفات الاعتقالات، المراقبة الأمنية، وإدارة السجون، مما أدى إلى ازدواجية في القرارات وتعطيل لبعض العمليات.

ولفت المصدران إلى من بين أهم النزاعات، الصراع على الإمبراطورية الاقتصادية التي يبنيها جناح الخيواني من وراء المختطفين، حيث يدفع أقارب المختطفين على دفعات متفرقة مئات آلاف الريالات عبر وسطاء من قيادات تابعة للحوثيين بهدف الإفراج عن أقاربهم، يتخللها هدايا ثمينة ما بين "أراضٍ وجنابي وأسلحة شخصية".

وذكر المصدران لوكالة خبر، أن زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي بدأ يفقد ثقته بأغلب القيادات المنحدرة من السلالة، وأخذت مخاوفه تزداد أكثر في السنوات الأخيرة بعد أن أخذ كل جناح من الأجنحة الحوثية يهتم في بناء إمبراطورية عسكرية واقتصادية خاصة به، مؤكدين أن الجناح المحسوب على عبدالملك الحوثي اقترح مصادرة أكبر قدر من صلاحيات الخيواني إن لم يكن الإطاحة به ضمن ما تسمى عملية "التغيير الجذري" في المناصب الحكومية التي أعلن عنها سابقاً.

وتأسس جهاز الأمن والمخابرات على أنقاض جهازي الأمن القومي والسياسي بعد سيطرة مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً على صنعاء في انقلاب سبتمبر/ أيلول 2014. ويعد الجهاز واحداً من الأدوات الرئيسية لسطوة القمع والانتهاكات بحق السكان، والاعتقالات التعسفية، ومراقبة المعارضين.

وبالنسبة لعلي الحوثي، هو نجل شقيق زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي، في حين يتولى عم والده المدعو عبدالكريم أمير الدين الحوثي، قيادة وزارة الداخلية في حكومة المليشيا غير المعترف بها.

ويعكس هذا الصراع تصدعات كبيرة داخل الهيكل الأمني للمليشيا (المصنّفة على قائمة الإرهاب)، وفقدان الثقة ببعضها، ويُظهر تراجعاً في قدرتها على توحيد أجهزتها الأمنية. الأمر الذي ينعكس على حالة الاستقرار في مناطق سيطرتها ليدفعها إلى العنف المفرط بحق المواطنين لمحاولة السيطرة على الوضع.

يشار إلى أن آثار هذا الصراع والتصدع بدأت مبكرة حينما تعرض القيادي علي الحوثي لمحاولة اغتيال في منتصف يوليو/ حزيران 2023، بكمين مسلح، شمالي صنعاء، أثناء عودته من محافظة عمران برفقة أسرته، ما أدى إلى إصابته ووفاة زوجته.

وتأتي محاولة الاغتيال هذه، ضمن سلسلة عمليات مماثلة طالت قيادات حوثية سياسية وأمنية وعسكرية، بعضها فشلت وأخرى قُيدت ضد مجهول.