في حديثهم لـ"خبر".. خبراء ومحللون إيرانيون وغربيون يكشفون كيف تُهرَّب الأسلحة الإيرانية للحوثيين

كشف خبراء ومحللون إيرانيون وغربيون، كيف تهرّب إيران الأسلحة ووقود الصواريخ إلى أذرعها في اليمن، تزامناً مع ضبط البحرية الأمريكية عشرات الأطنان من وقود الصواريخ والمواد المتفجرة، مؤكدين على أن طهران تؤجج الصراع في اليمن بشكل صريح، في الوقت الذي لا يملك الحوثيون حافزاً يذكر للتوصل إلى اتفاق سلام.

وأعلنت البحرية الأمريكية، الثلاثاء الماضي، ضبط 70 طناً من وقود الصواريخ و100 طن من المواد المتفجرة تم تهريبها على متن سفينة من إيران إلى اليمن. هذه الكمية وحدها كافية لصنع 10 صواريخ باليستية.

وشرح خبراء غربيون كيف ترسل إيران أسلحة للحوثيين وهي تعاني من احتجاجات واسعة، حيث قال جيسون برودسكي، لوكالة "خبر": إن إيران تمارس إرهاباً متعدداً في الداخل والخارج من العراق إلى اليمن ولبنان وسوريا وكذلك في بريطانيا وأمريكا وفي بحر عمان.

وأكد برودكسي (وهو خبير إيراني بارز ومدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية") أن "سقوط النظام الإيراني كفيل بوقف هذا الإرهاب".

بينما يشير بابك تقوايي، ضابط عسكري إيراني سابق وباحث في الشؤون العسكرية الإيرانية، إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، "يستخدم الآن السفن التجارية في الغالب لإرسال أسلحة إلى اليمن".

ولفت "تقوايي" في حديثه لوكالة خبر، إلى أن الاحتجاجات "لم تمنع النظام بعد من دعم الحوثيين وغيرهم من الإرهابيين".

"تقوايي" يرى أن استمرار الاحتجاجات في الداخل وإضرابات عمال النفط وأصحاب المتاجر، قد تدفع بالنظام القديم نحو مشكلات اقتصادية، مشيراً إلى أن ذلك قد يدفعه إلى أنه أيضاً "قد يواجه مشكلات في دفع رواتب عناصر الحوثيين وحزب الله".

وسائل مالية ولوجستية

ارينا تسوكرمان، وهي خبيرة أمريكية مختصة بشئون الأمن القومي والحركات الإرهابية، ترى من واقع خبرتها وتخصصها، أن جهود إيران المستمرة لتزويد الحوثيين بأسلحة متطورة، ترجع إلى عدة أمور جديرة بالملاحظة. بما في ذلك، مؤخراً، شحنات وقود الصواريخ التي تم اعتراضها وهي في طريقها إلى اليمن.

أولاً، منذ انتهاء الهدنة، كثف الحوثيون هجماتهم داخل اليمن مستهدفين أيضاً محيط البحر الأحمر، وهو ما يمثل تهديداً للأمن البحري الدولي وتجارة الطاقة، وسط أزمة الطاقة العالمية المستمرة والتضخم. في الوقت نفسه، واصلت إيران استهداف ناقلات النفط (مثل السفن اليونانية التي تم الاستيلاء عليها في مايو وتم الإفراج عنها مؤخراً، وناقلة مرتبطة بملياردير إسرائيلي تعرضت للهجوم)، والتخطيط لاغتيالات في دول غربية، وتوسيع نطاقها بشتى الطرق. كل هذا يؤدي إلى نتيجة حتمية مفادها أن إيران لديها الوسائل المالية واللوجستية لمواصلة عملياتها الإرهابية.

أسباب ذلك متعددة الجوانب، من وجهة نظر تسوكرمان، أولاً، تم تضخيم نطاق وحجم الاضطرابات المدنية في إيران إلى حد كبير من قبل وسائل الإعلام الدولية، وإلى حد ما، إيران نفسها.

وتقول في حديثها لـ"خبر"، إنه في الواقع، الأرقام في الشوارع أقل من الأحداث المماثلة في نوفمبر 2019، وأن معظم أعمال الشغب حدثت في المناطق النائية، بينما "أعداد المتظاهرين في المدن الإيرانية الكبرى صغيرة نسبياً، وتتكون في الغالب من الشباب"، مؤكدة أن "هناك أعمالاً شجاعة فردية على أساس يومي، ولكن في بلد يبلغ عدد سكانه 80 مليون شخص، يعتمد الكثير منهم اعتمادا كبيرا على بيروقراطية الدولة، فإن هذا يمثل قطرة في بحر".
 
وبحسب تسوكرمان، أظهرت حقيقة أنه تم اعتقال ما يقارب 15000 شخص وقتل أكثر من 300 شخص أن إيران لا تزال تحتفظ بالسيطرة ولا يوجد أي زعزعة مؤسسية أو أي مؤشر على وقوف الجيش أو الحرس الثوري الإيراني أو غيرها من المؤسسات الأمنية إلى جانب المتظاهرين وضد النظام، مؤكدة على أنه تم استهداف الأقليات العرقية بشكل غير متناسب بالقوات المميتة، وقد لعبت بعض الأعراق الأكثر أهمية مثل الأتراك الأذربيجانيين دورا ضئيلا في الاضطرابات، على الرغم من أن مشاركتهم كان من الممكن أن تكون تغييرا للعبة.

وأشارت إلى أنه في حين أجبرت هذه الأحداث إيران بالرد على الغضب العالمي المتزايد في وسائل الإعلام، لم تضطر إلى إنفاق موارد كبيرة، ولم تتعرض لعقوبات إضافية كبيرة تتعلق بالاضطرابات.

طائرات إيرانية

وبحسب تسوكرمان، بالرغم من العقوبات الأخيرة المفروضة ضد إيران نتيجة بيعها طائرات بدون طيار لروسيا، إلا أن المسؤولين الإيرانيين يحتفظون بمنصات دولية ولم يتم إجبارهم بشكل عام على الخروج من معظم التجمعات أو الأحداث الدولية.

مشيرة إلى أن آلية الدعاية الإيرانية مستمرة في الغرب في الاحتفاظ بصوت قوي في الأوساط الأكاديمية وجماعات الضغط ووسائل الإعلام، وأن إيران وسعت نفوذها عبر قطر التي أغلقت الأبواب أمام الصحفيين الذين ينتقدون إيران ووكلاءها في محطات الإعلام الغربية.

كما أشارت إلى الإشارات الدولية بشأن الدعم الإيراني في حده الأدنى، غير قلق بشأن طائرات إيران القاتلة في أوكرانيا، ولكن من الناحية العملية -بحسب تسوكرمان- لم يكن هناك أي جهد لمنع إيران من إلحاق المزيد من الضرر.

وترى تسوكرمان أن إيران تدير قضية اليمن -من جهتها- في المرحلة الراهنة بطريقة استراتيجية أكثر فائدة لأهدافها الحالية، مستفيدة "بشكل كبير من تعاملاتها مع روسيا والجبهات الاقتصادية الجديدة في آسيا الوسطى، وقيام دول الخليج بدور متزايد خلف الكواليس في اليمن".

حل دائم

أمّا، رايان بروبست، محلل أبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات برادلي بومان، ويشغل منصب المدير الأول لمركز القوة العسكرية والسياسية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فقد أكد في مقال مشترك بمجلة "واشنطن ايكزامينر"، أن "إيران تواصل تأجيج الصراع في اليمن بشكل صريح، في الوقت الذي لا يملك الحوثيون حافزا يذكر للتوصل إلى اتفاق سلام دائم إذا كان بإمكانهم الاعتماد على استمرار الإمداد بالأسلحة والدعم من إيران".

وعلى الرغم من هذه الحقيقة، يرى المحلل "بروبست" أن الغضب الدولي "يركز إلى حد كبير على السعودية، وغالبا ما يتجاهل الأسلحة الإيرانية التي تساعد اساسا في تأجيج الصراع والأزمة الإنسانية".

ويصف مصادرة وقود الصواريخ والمواد المتفجرة، بـ"انتصار ضد تهريب الأسلحة الإيرانية إلى اليمن"، مؤكدا على حاجة ضمان امتلاك الولايات المتحدة والقوات الشريكة في المنطقة القدرة اللازمة لمنع تهريب الأسلحة الإيرانية.

وذكر أن إيران تزود الحوثيين بالأسلحة على مراكب شراعية، رغم تهريبها أيضا بعض الإمدادات عن طريق البر.

وباعتقاد بروبست، أن ذلك يعكس تنوع مجموعة التهريب الإيرانية للأسلحة في المنطقة، والتي نهجتها في لبنان بتهريب أسلحة لحزب الله "عبر الجسر البري بين العراق وسوريا" بينما نقلت أخرى عن طريق البحر. ساعد استخدام طهران للطرق البحرية للتهريب.

ومن وجهة نظر بروبست، "يعتمد الحل الدائم للأزمة في اليمن والأزمة الإنسانية المرتبطة بها بشكل كبير على وقف تدفق الأسلحة الإيرانية".