خبراء دوليون يتحدثون لـ"خبر" عما وراء استمرار تهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين وبيعها بأسواق صنعاء

حذر خبراء دوليون في حديث خاص مع وكالة "خبر"، من استمرار تهديد الاستقرار في اليمن ومنطقة الخليج لا سيما السعودية والامارات، في ظل استمرار تدفق الاسلحة الايرانية إلى ذراعها في اليمن "الحوثيين"، وظهورها في الاسواق السوداء بصنعاء معظمها من التي تمتلكها قيادات حوثية كبيرة، وسط تحذيرات من اي اتفاقات جديدة، معتبرين التعاون النشط "الايراني - الحوثي" إهانة لسياسة المجتمع الدولي وفضح لنهج الأمم المتحدة والولايات المتحدة في اليمن.

جاءت تلك التحذيرات بالتزامن مع اعلان البحرية البريطانية مصادرة شحنة اسلحة وصواريخ ارض- جو على متن زوارق سريعة في المياة الدولية جنوب إيرانية كانت في طريقها الى الحوثيين.

ويؤكد الخبير الايراني جيسون برودسكي، مدير السياسات في متحدون ضد إيران النووية، "أن حقيقة غرق الأسواق السوداء في صنعاء بالأسلحة الإيرانية هو دليل على تقديم إيران العتاد للحوثيين".

ويضيف برودسكي لوكالة "خبر"، "رغم الهدنة، لا تزال الأسلحة الإيرانية تساهم في عدم الاستقرار الهيكلي في اليمن وتظل تهديدا للسلام والأمن هناك".

في حين يرى الخبير الامريكي المختص بالشأن اليمني جوشوا كونتز، ان اعلان البحرية البريطانية قبل يومين، مصادرة شحنة اسلحة إيرانية وصواريخ يصل مداها 1000 كيلومتر، يدل على ثلاثة أشياء، أولاً: "لا تزال الاسوق السوداء للسلاح في اليمن تنبض بالحيوية والنشاط على الرغم من الهدنة الحالية".

ويضيف الخبير كونتز، "وهو مختص بتتبع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وداعش على وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية وغير التقليدية. وهو مختص أيضا برصد وتتبع الاسلحة الايرانية المهربة الى اليمن"، وثانيا: استمرار وجود الأسلحة الإيرانية وتداولها في أسواق السلاح اليمنية. تتضمن بعض الأمثلة الإيرانية AM-50 AMR ومتغيرات مختلفة من بنادق KL-7.62 الإيرانية.

وثالثاً: يمكن للحوثيين الوصول إلى أنواع من الأسلحة الإيرانية أكثر مما يظهرون في نشراتهم الدعائية لأن أسواق السلاح في صنعاء تستمر في إبراز الأسلحة الإيرانية التي لم تظهر في النشرات الإعلامية للحوثيين. على سبيل المثال، لم تُظهر النشرات الإعلامية للحوثيين بنادق رشاشة TK9 Tondar SMG الإيراني.

ومع ذلك، تم الترويج عن سبعة بنادق رشاشة من نوع TK9 Tondar SMG في أسواق السلاح اليمنية خلال الأشهر السبعة الماضية. والحديث ما يزال للخبير الامريكي "كونتز".

اعتقال دبلوماسيين

أمّا الضابط الايراني السابق والخبير العسكري في مجال الطيران والدفاع بابك تقوايي، فيرى ان ظهور الاسلحة الايرانية في الاسواق السوداء بصنعاء قد يرجع إلى عدة امور أبرزها "عدم قدرة المتمردين الحوثيين على استلام معاشاتهم، الأمر الذي ربما أجبرهم على بيع أسلحتهم في السوق السوداء لكسب المال".

وبخصوص مصادرة البحرية البريطانية لشحنة الاسلحة الايرانية التي كانت في طريقها الى الحوثيين، يقول "تقوايي" لوكالة "خبر"، "إن البحرية البريطانية تأخرت في اعلان المصادرة وذلك ربما يرجع إلى حقيقة أن طهران أصدرت مقطع فيديو لاعتقال دبلوماسيين بريطانيين في عام 2021م".

قيادات حوثية كبيرة

وتلتقي الكثير من تحليلات الخبراء الدوليين في إن استمرار تدفق الاسلحة الايرانية الى الحوثيين لا يعني بالضرورة نقص في تسليح المليشيا الحوثية، خصوصا والاخيرة استولت على معسكرات ومخازن الجيش في كامل البلاد بما فيها دار الرئاسة في صنعاء بعد سيطرتها على المدينة عسكريا في 21 سبتمبر 2014م، ونهبت معظم تلك الاسلحة والصواريخ والدبابات وهربتها باتجاه صعدة معقل زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، قبل اعلان التحالف العربي اسناده الجيش في مارس 2015م.

ويرى الكثيرون ان بيع الاسلحة الايرانية في اسواق صنعاء ليس فقط لتغطية رواتب مقالتيها، بعد ان اوقفت صرف رواتب كامل منتسبي الجيش والامن والمدنيين أيضا منذ 6 سنوات، بقدر ما تغذي بها قيادات نافذة ارصدتها المالية الشخصية وشراءها اسهم وشركات وعقارات خاصة بها، وشراء ولاءات لبعضها في ظل صراع الاجنحة الذي طفى على السطح مؤخراً.


فرناندو كارفاخال، الذي عمل في فريق خبراء اليمن التابع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أبريل 2017 إلى مارس 2019 كخبير في الجماعات المسلحة وخبير إقليمي، ولديه ما يقرب من 20 عاما من الخبرة في إجراء العمل الميداني في اليمن، فضلا من كونه متخصص في السياسة اليمنية والعلاقات القبلية، ينظر من واقع خبراته المتراكمة، ان تدفق تلك الاسلحة بهذا الشكل "يمكن أن تكون له أشياء كثيرة..". موضحاً: "لكنها ليست بسبب نقص في الأسلحة".

ويضيف كارفاخال في حديثه لـ"خبر": "يبيع الجنود الحوثيون أسلحتهم مقابل رواتب غير مدفوعة... المهربون يغمرون الأسواق بالاسلحة".. ويرى كارفاخال انها أيضا تأتي ضمن مساع اضافية للمليشيا بالحصول من وراءها على مزيدٍ من المقاتلين والدعم حين اضاف في اخر حديثة: "الحوثيون يريدون المزيد من الأشخاص المسلحين".

وقال كارفاخال "إن الاسلحة الايرانية التي رصدها الخبير كونتز في اليمن هي اسلحة متطورة يمتلكها الأثرياء الحوثيين وليس الناس العاديين".

نوبة عدوان جديدة

في حين ترى ارينا تسوكرمان، وهي خبيرة امريكية مختصة بشؤون الامن القومي وباحثة في الجماعات المسلحة، باعلان البحرية البريطانية اعتراض سفينة إيرانية تحمل صواريخ متقدمة للحوثيين. "أن الهدنة التي أبرمت مع الحوثيين لم تكن أكثر من فرصة لهم لإعادة التموضع والتعافي بعد خسائر عسكرية فادحة".

وباستغراب، تتساءل تسوكرمان: إذا كانت هذه الشحنة واحدة من الشحنات التي تم اعتراضها والتي يمكن استخدامها لمهاجمة السعودية والإمارات وأهداف أخرى في اليمن.. فكم عدد الشحنات التي وصلت إلى الحوثيين؟".

وذكرت ان الاعلان البريطاني جاء بعد صمت طويل إثر من احتجاز إيران نائب السفير البريطاني وسفراء أجانب آخرين رهائن في خضم مفاوضات الاتفاق النووي.

وتقول انه من كامل الصورة المشاهدة، "يمكن الاستنتاج بإن إيران ووكلائها يواصلون جعل تصدير الثورة الإسلامية بأي وسيلة أولوية فوق كل شيء، ومستمرة في تحريك الحوثيين في العملية السياسية والعسكرية، وأن الاخيرين يعتمدون بشكل كامل على إيران وأصبحوا وكيلها وليس مجرد شريك، وبالتالي لن يتغير شيء في اليمن ما دامت هذه العلاقة قائمة".

مشيرة إلى جميع التطمينات التي أُعطيت للمجتمع الدولي كانت مراوغة، مما يساعد على التهرب من التدقيق والتقدم بأهداف إيران - الحوثيين بهدوء.

وتضيف تسوكرمان في حديثها لـ"خبر": يمكننا التأكد من أنه بمساعدة إيران، يستعد الحوثيون لنوبة عدوان جديدة. بدلاً من إضاعة الوقت في المفاوضات السياسية، مثلما يضيع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الوقت في الدوحة مع إيران بينما تواصل تطوير برنامجها النووي، يجب أن تركز الجهود على جمع المعلومات الاستخباراتية ومنع المزيد من العدوان الحوثي.

وتشدد على عدم منح المليشيا الحوثية ويران مزيد من فرصة التآمر والاستعداد لشن هجمات مفاجئة في الوقت الذي يناسبهم.

إضافة إلى ذلك، علينا أن ننظر إلى أسواق صنعاء السوداء في هذا السياق - ليس فقط إيران تواصل تسليم شحنات الأسلحة، ولكن تدفق الأسلحة داخل البلاد لا يزال يلبي الطلب وعلامات الاستعداد لحملة عسكرية.

وجددت تحذيراتها من اي اتفاقات جديدة مع الحوثيين لعدم تنفيذهم اي اتفاق سابق، "فكل ما يفعلونه هو تحويل عسكري واستخباراتي نموذجي لوضع أنفسهم في موقف عسكري أقوى". مشيرة إلى ان التعاون النشط المستمر بين ايران والحوثيون، إهانة ألقيت في وجه المجتمع الدولي وفضح نهج الأمم المتحدة وسياسة الرئيس الامريكي جو بايدن "الذي وصفته بالساذج" في اليمن.

وذكرت انهم "حتى الآن، انتهكوا جميع بنود الاتفاقية وقتلوا مدنيين يمنيين، واستمروا في تجنيد الأطفال، ورفضوا التعاون في جهود إزالة الألغام".