الهدنة الأممية.. اتفاق تحصد بنوده مليشيات الحوثي

أيام قليلة تفصل اليمنيين عن موعد إعلان انتهاء الهدنة الأممية في اليمن، إن لم تتوافق جميع الأطراف على تمديدها لشهرين قادمين أو أقل أو أكثر، وإن لم يكن ذلك فلم تعد تفرق بالنسبة لملايين المواطنين، بعد أن بات الحوثيون فقط هم من لهم الحق بجني ثمارها مثل عديد اتفاقات سبقتها.

فمع بدء العد التنازلي لانتهاء موعد الهدنة الأممية بين مليشيا الحوثي والحكومة اليمنية، ما تزال أزمة الوقود في ذروتها، وسط اتهامات شعبية مباشرة للأمم المتحدة والحوثيين بتحويل الملف الإنساني إلى ورقة ربحية لكليهما.

وبعد 48 ساعة فقط من دخول الهدنة حيز التنفيذ، أعلنت مليشيا الحوثي دخول سفينتي وقود إلى ميناء الحديدة هما: (قيصر وسيبلاندر سافير)، وهو ما قوبل بسعادة شعبية غامرة، معتبرين ذلك بارقة أمل لتخفيف حدة الأزمة وتراجع أسعار الوقود.

إلا أن أقل من عشرة أيام على تفريغ الوقود من السفن وإيصاله إلى عواصم المدن الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية، كانت كفيلة بقطع حبل الأمل لدى الشعب، وبنفس الوقت كشف القناع الحقيقي للحوثيين، الذين سارعوا باعلان جرعة جديدة على أسعار الوقود حددت سعر صفيحة البنزين سعة 20 لتراً في المحطات الحكومية بـ12600 ريال (نحو 23 دولاراً)، أي بواقع 625 ريالاً للتر الواحد، من 9900 ريال (18 دولاراً)، بزيادة 2700 ريال (خمسة دولارات) للصفيحة.

الجرعة الحوثية والأزمات المفتعلة جرّت المليشيا إلى محاكمة شعبية، سيما بعد أن كانت تعلقها على شماعة التحالف العربي بفرضه قيودا على دخول السفن، لجأت إلى الصمت حينا والقمع أحيين أخرى، إلى أن خرجت قبل أيام بكذبة مفادها أن عدد السفن التي سُمح بدخولها حتى اللحظة هي 11 سفينة فقط، من إجمالي 18 سفنية تضمنها الاتفاق الأممي، وهو ما كذبته مصادر في التحالف.

عقوبات

خبراء اقتصاديون قالوا لوكالة "خبر"، إن نتائج الهدنة الأممية ادانة جديدة ضد الحوثيين، وتعاطيهم اللا إنساني مع الملفات الإنسانية والاتفاقات الأممية.
وأكدوا أن قرار الحوثيين برفع أسعار الوقود يرجع عليهم بعائدات اقتصادية كبيرة لا علاقة لها بالأزمة العالمية أو دونها.

ولفتوا إلى أن غياب الرؤية والآلية التوضيحية لبنود الهدنة، وتضمينها فرض عقوبات على الطرف المخالف هو سبب عدم استفادة المواطن المستهدف من نتائجها.

ابتزاز

ومع انه سُمح بدخول السفن المحملة بالمشتقات النفطية، وأعيد تشغيل الرحلات الجوية في مطار صنعاء وسط تنازلات من جانب الحكومة الشرعية بموافقتها اعتماد جوازات سفر صادرة من مناطق سيطرة المليشيا وغيرها، من منطلق تخفيف المعاناة على المواطنين، العنوان الأبرز لبنود الهدنة.

كما توقفت العمليات العسكرية سيما الجوية، وهو ما يصب في مصلحة الحوثيين، إلا أن المليشيا تواصل خروقاتها العسكرية في مختلف الجبهات، وتماطل حتى اللحظة في إنهاء معاناة التنقل للمواطنين باستمرار إغلاق الطرق الرئيسية.

وفي الثاني من أبريل/ نيسان الماضي، أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هانس غروندبرغ، بدء سريان هدنة في اليمن لمدة شهرين، تتضمن إيقاف العمليات العسكرية براً وبحراً وجواً داخل اليمن وعبر حدوده، وتيسير دخول 18 سفينة تحمل الوقود إلى موانئ الحديدة، والسماح برحلتين جويتين من وإلى مطار صنعاء كل أسبوع، وعقد اجتماع بين الأطراف للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات لتحسين حرية حركة الأفراد داخل اليمن.

وكان اتفاق ستوكهولم الذي وقع في السويد أواخر العام 2018م، بين الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي قد تضمن في أحد بنوده تخصيص الرسوم المفروضة على حمولات سفن المشتقات النفطية الداخلة إلى موانئ الحديدة، لصالح دفع رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة المليشيا وهو ما انقلبت عليه ولم تلتزم به حتى اللحظة.

واتخذت مليشيا الحوثي من الملف الإنساني ورقة ابتزاز في المفاوضات الداخلية والخارجية. فقد استطاعت أن تضع يدها على مطار صنعاء بعد موانئ الحديدة. في حين ما تزال تمارس الضغط بشأن فتح الطرقات المغلقة في تعز، والخط الرئيس الرابط بين صنعاء وعدن جنوبي مدينة دمت بالضالع، علاوة على طرقات أخرى في مأرب والحديدة والجوف وغيرها، لتسهيل تنقلات المواطنين والمسافرين بين المحافظات.