مراكز صيفية أم معسكرات حربية؟

"إن الذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل قادرون على جعلك ترتكب الفظائع". فولتير

على مرأى ومسمع من المجتمع اليمني، ومن المجتمعين الإقليمي والدولي يعلن الحوثيون صراحة عن معسكرات حربية، تحت مسمى "مراكز صيفية" لعسكرة الأطفال والشباب خلال العطلة الصيفية، وكأن ما تم حشوه في أدمغتهم خلال الشهور الماضية مفصول عما يتم اليوم..!

في الواقع نحن أمام كارثة، وأمام خطر يفوق ــ عشرات المرات ــ خطر الحروب العسكرية. نحن أمام "خيْمنة" أطفال اليمن، وتحويل تاريخ سبأ وأوسان وقتبان وحمير إلى لوحة إخمينيّة/ ساسانيّة/ خُمينيّة، لا علاقة لها بالدين الإسلامي ولا الثقافة العربية. فهل يستشعر المجتمع اليمني ذلك؟ أيضا هل يعي الإقليم حجم الحرائق التي يتم إيقادها بجواره اليوم؟

قامت ست حروب إبان حكم الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، والدولة لا تزالُ قائمة بقوتها وجيشها وعتادها، وقوام هذه الحروب من قبل الحوثي 15 ألف طالب فقط، هم إجمالي أتباعه الذين استطاع تشكيلهم منذ حقبة الثمانينيات حتى منتصف العام 2004م، في صعدة وعمران وبعض مناطق حجة وذمار وصنعاء، حين انطلقت الحرب الأولى في صعدة. فما الحال اليوم وبين يديه ما يزيد عن خمسة ملايين طالب يمني يعيد صياغة أفكارهم وثقافتهم وفقا لعقيدته الطائفية وثقافته الخُمينية؟!

إن مدخلات التعليم "اللاصَفي" المصحوبة ببعض الأنشطة الترفيهية والرياضية أكثر تأثيرا في وجدان الطفل والشاب من مدخلات التعليم "الصفي" عبر المناهج المدرسية الرسمية، بما تحتوي عليه من الرتابة المصاحبة والمعروفة. وبالتالي فإن خطر ما تسمى بالمراكز الصيفية الحوثية أخطر من مدخلات التعليم العام، مع أنه لا تعليم في الواقع؛ كون هذه التوجيهات التي يلقنونها الناشئة والشباب تحمل صبغة دينية في ظاهرها، مع أنها صبغة زائفة ومشوهة، إنما عقل الناشئة والشباب في بواكيره الأولى تنطلي عليه مثل هذه الخرافات والأساطير المبهمة، وبحسب إيريك هوفر: "ليس من الضروري لكي تصبح العقيدة فاعلة أن يفهمها المرء، ولكن من الضروري أن يؤمن بها. ونحن في الحقيقة لا نؤمن إيمانا أعمى إلا بالأشياء التي لا نفهمها. عندما تصبح العقيدة مفهومة تفقد الكثير من قوتها".
وهو يرى أنه: "لكي تهيئ شخصًا ما للتضحية بالنفس فلا بد من سلخه عن هويته الذاتية وعن تميزه. وأكثر الطرق فاعلية في الوصول إلى هذا الهدف هو صهر الفرد كلية في الجسم الجماعي".

الخطر اليوم مستشرٍ أكثر، وما لم نضع حدا قاطعا للحوثي كمشروع وفكرة فسيقع الفأس في الرأس، وحينها لن ينفع الندم. ألا هل بلغت؟.. اللهم فاشهد.