"الإصلاح" والشيخوخة السياسية

أثبت التجمع اليمني للإصلاح خلال عشر سنوات فائتة أنه ليس جديرًا بالسلطة، وليس كفؤًا قياديًا، أو مقبولًا فكريًا على المستوى الشعبي والإقليمي، لهذا لا أحد يرثي أو يبكي إزاحتهم عن الحكم، ومحاولات إقصائهم عن المناصب العليا، واحتوائهم كشخصيات لم يعد لها ثقل حقيقي وسياسي..

الإصلاح اليوم يبدو هزيلًا، شريدًا، مفككًا، مرفوضًا، عتيقًا، وبلا مؤشرات مبشرة، حدث هذا بعد أن شاخ به الزمن والمتغيرات، والعجز القيادي والاستراتيجي والعسكري، هذا الأمر والتلاشي لم يكن ظلمًا سياسيًا أو مؤامرات إقليمية مؤكدة، بقدر ما هي نتائج حتمية للشيخوخة السياسية التي حالت دون بروز أسماء ووجوه وأفكار جديدة، وربما أشكال سياسية، ومرونة فكرية تتكيف مع الواقع العام للتناقض السياسي الحاصل في البلد..

لا يجدر بالإصلاح اليوم إلقاء اللوّم على فكرة المؤامرات الخارجية والدولية، خصوصًا والخيبة العامة تنخر في وجودهم المجتمعي على المستوى الشعبي العام منذ انهيار الدولة ومؤسساتها المعارضة، لم يعد لهم أي حضور حقيقي في التنوع السياسي والفكري والحزبي للمجتمع اليمني كمنظومة شعبية كانت متغلغلة في الجغرافيا اليمنية بالملايين، وقناعاته لم تعد مؤكدة قطعيًا حتى في نفوس من لا يزالون يعتقدون بأنهم إصلاحيون بحكم الجغرافيا والمعاش، لهذا لا خيار آخر لتجمع الإصلاح سوى "الحل الكلي" وإعادة التشكل ومحاولة الظهور بوجوه جديدة ومصطلحات جديدة، وفكر خال كليًا من الأساسات الدينية المستنسخة من هويات فكرية خارجية دون أساسات انتمائية يمنية.

الإصلاح يستطيع حقًا إعادة التموضع، واحتواء تركته السياسية المتروكة بلا حامل سياسي أو تنطيم مشارك بقوة في السلطة والحكم، هذا سيحدث في حالة واحدة لا غير، لو أعاد التشكل بجدية ومرونة، وأفرز قيادات شابة وفاعلة ومقبولة، ليصير كيانًا سياسيًا مختلفًا، كيان يمني بوجه آخر، وشكل آخر، ومسمىً آخر، ولا شيء غير هذا.

*صفحة الكاتب على الفيسبوك