بداية النهاية للحوثي

بيانياً، الانهيار هو الاتجاه الإجباري لمؤشر قوة الحوثي خلال الفترة القادمة، وكل المعطيات بين أيدينا تؤكد ذلك.

يأتي هذا بعد أن وصل مؤشر قوة الحوثي في عام 2021م إلى الذروة، بعد أن رمى بكل ثقله وأوراق قوته العسكرية والإعلامية والنفسية في معركة متواصلة منذ مطلع العام لتحقيق ذلك المؤشر، لكنه لم يستطع الوصول إلى الهدف المطلوب.

وما بعد خسائره الكبيرة وإهدار طاقته القصوى التي استخدمها لبلوغ الهدف، تقول كل المعطيات إن مؤشر قوة الحوثي متجه بلا شك، نحو الانهيار وإن تذبذب المؤشر أحياناً فما هو إلا لتأخير الانهيار المتسارع، لكنه من المستحيل أن يعود إلى نفس النقطة التي حققها من قبل.

لو كان بيد الحوثي ما يستخدمه لتحقيق الهدف الذي أطلق معركته من أجله لاستخدمه، لكن ما استخدمه كان منتهى قوته البشرية والعسكرية حتى وصل حد العجز عن توفير ما فوقها.

وطالما لم يحقق هدفه بكل هذا، فمعنى ذلك أنه أهدر طاقته، أي "استنزاف مُعظم قواته" وما بعد ذلك إلا التوجه التنازلي الإجباري شاء الحوثي أم أبى.

ما كان يمكن للحوثي أن يحققه العام الماضي على طاولة التفاوض لو أنه تنازل لدعوات السلام، لا يمكنه أن يحققه اليوم، بعد أن اتضح أن تهديده بإسقاط مأرب غير وارد.

وهذا يعني أن موقفه أضعف مما كان عليه قبل ستة أشهر، فملف مأرب خرج تماماً من يده، ولن يجني أي مكاسب، مع كل الخسائر التي قدمها في تلكم الجبهة.

ما أخشاه فقط، هو أن تنجر الشرعية لاستقبال أول إشارة خضوع للسلام يطلقها الحوثي، ليتمكن بها من الحفاظ على ما سيتبقى تحت سيطرة قواته.

وهذا إن حصل، فهو بمثابة مد يد الإنقاذ للحوثي، وخيانة لدماء الشهداء، خصوصاً وأنه يأتي في مرحلة تتطلب التوجه لهلّ التراب عليه ولا خيار آخر بعد كل هذه التضحيات.

لطالما خذلتنا الشرعية في مثل هكذا توقيت، توفرت فيه كل الظروف لهزيمة المشروع الحوثي إلى الأبد، وهو ما جعل الحوثي يراهن عليها لإنقاذ نفسه بمجرد تلويحه بالسلام عند كل ضغط يتعرض له، وما زال استوكهولم شاهداً نتجرع مرارته إلى اليوم.