أوروبا ومنظمات دولية تتهم تركيا بقمع حزب مؤيد للأكراد

اتهم الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوقية دولية تركيا بقمع حزب الشعوب الديمقراطية المعارض المؤيد للأكراد بشكل غير مبرر، بينما دعت أنقرة الاتحاد إلى إدانة مقتل 13 من عسكرييها وعناصر شرطتها ومخابراتها على يد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

جاء ذلك في الوقت الذي جددت فيه الولايات المتحدة موقفها الرافض لاستمرار تركيا في الاحتفاظ بمنظومة الصواريخ الروسية «إس - 400» أو إعادتها إلى برنامج إنتاج وتطوير المقاتلات الأميركية «إف - 35».

وعبّر بيتر ستانو، المتحدث باسم ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، عن قلق الاتحاد الأوروبي البالغ من استمرار الضغط على حزب الشعوب الديمقراطية والعديد من أعضائه، لافتاً إلى الاعتقالات الأخيرة، واستبدال رؤساء البلديات المنتخبين بآخرين معينين من جانب الحكومة، وقضايا في المحاكم «ذات الدوافع السياسية»، ومحاولات رفع الحصانة البرلمانية عن أعضاء الحزب بالبرلمان.

وطالب ستانو تركيا، بصفتها عضواً قديماً في مجلس أوروبا ودولة مرشحة لعضوية الاتحاد، بحماية نظامها الديمقراطي، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون، وحرية تشكيل الأحزاب السياسية، والتحقيق في أي مخالفة أو جريمة مزعومة وفق الأصول القانونية وتطبيق مبدأ افتراض براءة المتهم حتى تثبت إدانته.

وفي رد على تصريحات المتحدث الأوروبي، طالبه إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية بالإعراب عن قلقه لـ«قيام حزب العمال الكردستاني بتصفية 13 من الجنود وعناصر المخابرات والشرطة الأتراك في شمال العراق، قبل أيام». وقال كالين، عبر «تويتر»، «هلا شعرت (في إشارة إلى ستانو) بالقلق ولو لمرة حيال جرائم تنظيم العمال الكردستاني المدرج على قوائم الإرهاب من قبل الاتحاد الأوروبي، والذي قام بتصفية 13 جندياً تركياً بمنطقة غارا شمال العراق، أم أن هذا سيدخلكم في مشاكل مع لوبي ذلك التنظيم بأوروبا؟».

في السياق ذاته، بعث «المرصد الدولي لحقوق الإنسان» ومنظمات دولية وخبراء حقوقيون ونواب أوروبيون رسالة إلى الحكومة التركية للمطالبة بوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها ضد العديد من المواطنين، ومن بينهم النائب في البرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطية عمر فاروق جرجرلي أوغلو، الذي صدر ضده حكم بالحبس سنتين ونصف السنة بتهمة الترويج للإرهاب رغم تمتعه بالحصانة البرلمانية.

وجاء في الرسالة، أن جرجرلي أوغلو، وهو ناشط بارز في مجال حقوق الإنسان وعضو البرلمان، تعرض للتهديد مؤخراً من قبل قائد شرطة ولاية أوشاك (غرب) الذي اتهمه من دون سند بالتورط في «الإرهاب»، ومجموعة حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، ووزير الداخلية سليمان صويلو، بسبب إثارته قضية تعرض 23 طالبة في جامعة «أوشاك» للتفتيش عاريات في حادثتين منفصلتين أثناء احتجازهن من دون سند لخمسة أيام وقد أثار هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان إدانة شديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتبنى جرجرلي أوغلو في البرلمان هذه القضية ما دفع البعض لمحاولة تلفيق الاتهامات له.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية التركية، أمس، انطلاق عملية «أرن 11»، ضد عناصر حزب العمال الكردستاني في ولايتي بتليس وسيرت جنوب شرقي البلاد، في إطار العمليات التي انطلقت منذ 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، مشيرة إلى مشاركة 781 عنصراً من قوات نخبة الدرك والقوات الخاصة في الشرطة والدرك وحراس القرى في العملية.

على صعيد آخر، جددت الولايات المتحدة موقفها من اقتناء تركيا منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس - 400» ورغبتها في الحصول على مقاتلات «إف - 35» الأميركية في إطار برنامج يشرف عليه حلف شمال الأطلسي (ناتو) وكانت تركيا تشارك فيه قبل أن يتم إخراجها منه في يوليو (تموز) 2019 بعد حصولها على الصواريخ الروسية.

ودعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تركيا إلى «عدم المضي قدماً في تسلم الأنظمة الروسية. وقال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، في إفادة صحافية الليلة الماضية، «كانت لديهم (الأتراك) العديد من الفرص خلال العقد الماضي لشراء نظام باتريوت الدفاعي من الولايات المتحدة».

وأضاف، أن مشاركة تركيا في البرنامج الخاص بطائرة «إف - 35» ستظل معلقة، مجدداً الدعوة لتركيا لعدم اقتناء منظومة «إس - 400».

كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال، الشهر الماضي، إن تركيا وروسيا ستبحثان تسليم الدفعة الثانية من أنظمة «إس - 400». ولم يتضح بعد ذلك ما إذا كانت تلك المحادثات قد تم تأجيلها أو إلغاؤها. وتتمسك تركيا باقتناء المنظومة الروسية بدعوى رفض الولايات المتحدة وحلفاء الناتو تزويدها بمنظومة باتريوت؛ ولذلك لجأت إلى روسيا لتلبية احتياجاتها، كما بدأت مساراً قانونياً بهدف «الحفاظ على حقوقها» في برنامج «إف - 35»، حيث كانت تعاقدت على شراء 100 طائرة ودفعت 900 مليون دولار من إجمالي العقد البالغ 1.4 مليار دولار.

في سياق آخر، اعتقلت السلطات التركية، عشرات العسكريين بتهمة استخدام هواتف عمومية في التواصل مع حركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن، التي تتهمها بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016.

وألقت الشرطة التركية، أمس، القبض على 130 عسكرياً، أغلبهم من القوات الجوية، في حملات شملت في 47 ولاية في أنحاء البلاد، 103 منهم لا يزالون بالخدمة في صفوف الجيش.

ومن بين المعتقلين، وهم من بين 148 عسكرياً صدرت أوامر باعتقالهم، 47 ينتمون إلى القوات الجوية، و18 إلى قيادة القوات البحرية، و12 من القوات البرية، و38 من قوت الدرك، و19 من خفر السواحل، و14 من طلاب مدرسة عسكرية فصلوا بعد محاولة الانقلاب. وبين المعتقلين ضابط برتبة عقيد، و3 برتبة رائد، و8 نقباء و31 ملازماً، و66 ضابط صف، و25 رقيباً متخصصاً.