"خبر" ترصد أبرز جوانب إخفاق وفشل الحكومة اليمنية خلال 5 سنوات

خيبت الحكومة اليمنية الآمال العريضة التي علقها عليها شريحة عريضة من أبناء الشعب اليمني، وخاصة أولئك الذين أرادوا أن تجسد نموذج حكم يحسن الاقتصاد اليمني المتهاوي ويوفر الخدمات ويحارب الفساد ما يعري المليشيا الحوثية وفسادها ولصوصيتها ونهبها للمال العام والتلاعب به.

غير أن تصرفات الحكومة ومؤسسة الرئاسة والنافذين فيها على مدى خمس سنوات، من فساد وتلاعب بالوظيفة العامة للدولة وتسخير المصلحة العامة لصالح مصالح شخصية وحزبية والتعامل العصبوي المناطقي الحزبي وإقصاء الكوادر الوظيفية المؤهلة وتعيين الأقارب والأنساب، حتى وإن كانوا دون السن القانوني ولا يمتلكون أي مؤهلات سوى الوساطة، مفضلين الرفاهية المتوفرة في فنادق الرياض وإبقاء الحكومة اليمنية ومؤسساتها في وضع الطيران.

البداية كانت من تعامل الحكومة بدون أي بيانات مالية أو موازنة عامة للدولة تظهر النفقات العامة للدولة وأوجه وتفاصيل إنفاقها، وبيان الموارد العامة للدولة من كافة الأوعية ونسبة العجز وطرق تمويل هذا العجز، حيث لم تصدر أي من حكومات هادي أي موازنة مالية أو حسابات ختامية كما لم تخضع أي من مؤسساتها المالية أو الإيرادية كالضرائب والجمارك والمنافذ البحرية والجوية والبرية لإشراف رقابي من أي جهة حكومية أو مدنية.

وزارات وهمية للمنافع والرواتب

وبالرغم من تعيين حكومات عدة إلا أنها وطيلة عملها في بلدان الاغتراب، ظلت هذه الحكومات حبيسة الفنادق وبعيدة عن العمل من أرض الواقع، إذ إن معظم مكاتب الوزارات خارج اليمن، ناهيك عن تحكم لوبيات محصورة للقرار في هذه الوزارات، من اجل الحصول على منافع ومكاسب شخصية، دون أي خطة عمل تحكم أنشطة الوزارات والمؤسسات التابعة لها، ناهيك عن أن بعض الوزارات ما زالت لحد الآن بدون وزراء كالنقل والأشغال العامة والطرق والمياه والبيئة، فضلا عن استمرار عمل وزارات ليس لها أي داع في ظل هذه الأوضاع الطارئة والاستثنائية كوزارة السياحة والثقافة، وشئون مجلسي النواب والشورى، ووزير مخرجات الحوار وشئون الدولة، وكلها غير موجودة على أرض الواقع سوى في كشوف الرواتب والمنافع والمكافآت التي يتحصلون عليها.

غياب السياسة النقدية

واستمراراً لمسخ المؤسسات الحكومية سواءً كانت خدمية أو سيادية فقد استمرت الحكومة في التعامل مع هذا الموضوع باستهتار كبير والنظر إليها من زاوية مدى المنافع المادية التي قد تتحقق عبرها وباسمها، حيث قامت بنقل البنك المركزي اليمني إلى عدن دون امتلاك أي رؤية نقدية أو مصرفية لطبيعة عمله أو حتى توفر الكوادر المصرفية والخبرات اللازمة لتسيير هذا العمل، فاسندت إدارته إلى لوبي حوله إلى خزنة وصندوق صرف بدون استقبال أي إيراد، يتم التحويل منه لبعض الشخصيات المقربة من هادي وعصابته.

التلاعب بالوديعة السعودية

وحتى بعد إعلان المملكة العربية السعودية عن دعم اليمن بوديعة قدرها ملياري دولار استمر اللوبي الحكومي المقرب من الرئاسة والذي يعمل لصالحه في تبديد الموارد الحكومية، دون أي اعتبار للحفاظ على العملة الوطنية من التدهور القياسي والتاريخي والذي وصل معها إلى 895 ريالا للدولار الواحد في أكبر تدهور لم يحصل في ظل أي حكومات يمنية منذ الثورة على النظام الإمامي واعتماد مسمى الريال كعملة وطنية للبلاد.

كغيرها من الموارد تم التلاعب بنحو ملياري دولار من الوديعة السعودية، وتم مصارفتها لصالح شركات وهوامير حكومية تعمل في احتكار استيراد المشتقات النفطية.

وتم تبديد ملياري دولار (الوديعة السعودية) تحت لافتة استخدامها لتوفير سيولة بالعملة الصعبة تحت مسمى إصدار الاعتمادات المستندية عبر البنك المركزي اليمني لاستيراد المشتقات النفطية والغذاء من أجل استعادة الريال اليمني بعضاً من عافيته، غير أن الحقيقة غير ما تم الإعلان عنه، لذا فإن التعافي المؤقت الذي حصل للريال في العام 2017 لم يدم طويلا، ليعود الريال إلى الانحدار مجدداً بسبب نفاد الوديعة وتورط مسؤولي البنك المركزي بالتربح من فوارق سعر الصرف بين السوق وما تم إقراره في البنك المركزي، بخلاف أن أكثر من استفاد من هذه الوديعة كان تجار المشتقات النفطية التابعون للحوثي.

احتكار سوق الوقود وخصخصة مؤسسات الدولة

أصدرت الحكومة كذلك قراراً بتحرير تجارة المشتقات النفطية بداعي تنظيم استيراد الوقود، وهو القرار الذي أعطى شركة عرب غلف، التابعة لنائب مدير مكتب الرئاسة أحمد العيسي، الفرصة لاحتكار السوق والتحكم بها، فضلاً عن الدخول في صفقات مع قيادات حوثية لتوريد الوقود إلى السوق في مناطق سيطرة المليشيات، كوسيط بين الحرس الثوري الإيراني، وسلطة المليشيات الحوثية مقابل عمولات وهامش أرباح، حسبما كشفت مصادر إعلامية.

وفي المجال النفطي كذلك فإن الحكومة حولت مصافي عدن ومارب إلى إقطاعيات خاصة حيث يتحكم رجل الأعمال العيسي بالأولى وحولها إلى منشآت تخزينية لشركاته، فيما تم استخدام الثانية لتصفية الوقود واستخدامه لصالح قيادات إخوانية وبيعه للسوق المحلية، رغم حاجة البلاد لتكرير المشتقات النفط في المصافي المحلية لاستخدامه في توليد الكهرباء وتوفير ما يحتاجه السوق المحلي من مشتقات مثل السولار والذي أصبحت طائرات اليمنية تقوم برحلات إضافية إلى مطارات دول مجاورة للتموين بالوقود قبل مواصلة رحلاتها.

تبديد الموارد

كما فشلت الحكومة كذلك في توريد رسوم الجمارك والضرائب على شحنات المشتقات النفطية إلى حساب خاص برواتب الموظفين في الحديدة بالتعاون مع الأمم المتحدة، لتذهب كل هذه الإيرادات في النهاية لصالح مليشيات الحوثي.

واستغرب اقتصاديون من مطالبة الحكومة للحوثيين بتوريد رسوم الضرائب والجمارك في الحديدة إلى حساب في البنك المركزي وهي العاجزة عن ربط جميع فروع البنك المركزي في مناطق سيطرتها بالمركز الرئيسي في عدن، إذ إن فروع البنك في المهرة ومارب وحضرموت وتعز، كل يتبع السلطة المحلية في تلك المناطق ولا يأتمر بأمر البنك الرئيسي في عدن.

كما فشلت الحكومة في تشغيل المحطة الغازية في مأرب لتوفير الكهرباء لعدة محافظات بدلاً من استهلاك الديزل في الطاقة المشتراة، وإنقاذ المزارعين اليمنيين من غلاء سعر الديزل، الأمر الذي ينعكس على أسعار منتجاتهم الزراعية.

زيادة نفقات

وبالرغم من النزيف الحاد في قيمة العملة الوطنية استمرت الحكومة في دفع رواتب المسؤولين الحكوميين بالدولار الأمريكي ويتواجدون خارج اليمن في مخالفة للنظام والقانون، ناهيك عن فشلها في تخليص الموازنة العامة من نفقات السفارات الفائضة عن الحاجة وموظفيها المكدسين دون أدنى فائدة أو مردود.

وحتى مع الإعلانات المتكررة في الإعلام عن خطط لاستئناف إنتاج النفط والغاز بالطاقة الكاملة إلا أن ذلك لم ينعكس على الميزان التجاري أو ميزان المدفوعات وحركة الموارد في الحسابات الخاصة بالبنك المركزي، إذ إن التصدير مستمر في الخفاء مع توريد عائدات المبيعات إلى حسابات خاصة في البنك الأهلي السعودي واستخدامها في نفقات خاصة بالرئاسة ويقوم بالاستفادة منه من هم موجودون في الرياض لدفع رواتب مجموعة الوزراء والنواب والوكلاء الموجودين في الخارج دون مهام أو إنجازات.

وفيما تذهب إيرادات المؤسسات الإيرادية في اليمن إلى حسابات صرافين وبنوك محلية، فشلت الحكومة في إجبار هذه المؤسسات أن تلتزم بتوريد مبالغ الإيرادات إلى البنك المركزي اليمني حسب اللوائح والقوانين مع استمرار معاناتها في السيولة النقدية بالعملة الصعبة وتمويل عجز الموازنة من العملة المطبوعة.

ملف المساعدات

وبالرغم من أن المساعدات الإنسانية هي أحد أهم مصادر النقدية لليمن والتي تدفق منها أكثر من خمسة مليارات دولار خلال العامين الماضيين، إلا أن الحكومة لم تتمكن من إقناع المانحين لإجبار المنظمات الدولية أن توحد قنوات الصرف وتورد مبالغ المساعدات الإنسانية إلى البنك المركزي اليمني في عدن ليتم المصارفة عبره ومن ثم الإنفاق على الأنشطة والمشاريع بالعملة اليمنية، ما يعزز فشل حكومة هادي في إنقاذ الريال والاقتصاد اليمني.

ويؤكد مراقبون، أن مشاركة الحكومة في مؤتمر المانحين باسم اليمن العام الماضي كان مجرد تحليل لعملية التسول باسم اليمن لجلب المساعدات مقابل الفتات تحصل عليها حكومة هادي في فشل وتواطؤ كبير في إدارة هذه المساعدات ووصولها إلى المستفيدين الحقيقيين.

فشل دبلوماسي

وفيما يخص العمل الدبلوماسي فإن دبلوماسية حكومة هادي فشلت فشلاً ذريعاً مع تكدس السفارات والقنصليات اليمنية في الخارج في القيام بمهامها لمحاصرة المليشيات الحوثية سياسيا وتعريتها وتغيير المواقف الدولية لإدانة وتجريم المليشيات الحوثية وعدم التعامل معها، بل على العكس حرص الدبلوماسيون على القيام بالاستثمارات لصالح قيادات في نظام هادي، تاركين العمل السياسي للقضية اليمنية لشخصيات حوثية تتنقل بين عواصم العالم لشرح مظلوميتها المزعومة.

حتى طلاب وجاليات اليمن في الخارج فإن هذه القنصليات والسفارات لم تقم بعملها، حيث يتابع الجميع الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية المتكررة للجرحى والمرضى اليمنيين والطلاب في عواصم ومدن العالم للمطالبة بمستحقاتهم وشرح أوضاعهم الصعبة دون أن تحرك هذه المناشدات ضمير أي من مسؤولي نظام هادي.

فشل أمني

وعلى الجانب الأمني فإن نظام هادي المدعوم من الإخوان المسلمين فشل حتى في ضبط الأمن في شارعين في تعز، حيث يتابع اليمنيون باستمرار الاضطرابات الأمنية والفوضى المستمرة والاشتباكات المتكررة بين الفصائل المسلحة المحسوبة على قيادات إخوانية عسكرية وأمنية والتسابق على عمليات نهب الممتلكات والمحلات التجارية والأرضي والبيوت، وانتهاك حرمات المنازل ونهب حقوق المواطنين، في نموذج سيئ يجعل المواطنين يصرفون النظر عن أي آمال يعلقونها عليهم للتخلص من المليشيات الحوثية الكهنوتية.